السبت، 21 فبراير 2009

سيدة الدلال تفعل المُحال ..!!

امرأة أربعينية..مكتنزة..ملآنة..عيناها خضراوان ، خداها يقدحان حمرةً ، ترتدي الحجاب المتناسق الألوان مع الجلباب..وتتحدث بصوت رخيم متبتل أشبه بصوت منشدة في باحات الكنائس ( لست ضد الحجاب أو حتى معه!! ليس موضوعنا) تتحدث هذه الفاتنة عن الدواء الناجع للسحر من القران الكريم..وتدعو الناس بلكنة عربية مهشمة إلى الله سبحانه وجل جلاله..وتقرأ القرآن بحروف مكسرة تنصب كما تشاء وترفع كما يحلو لها نكاية في سيبويه العظيم وكل ألسنة العرب!! والله قد انزل محكم الكتاب بلسان عربي ( غير ذي عوج)..وتدعو هذه المكتنزة إلى محكم الكتاب بانتقائية عجيبة!!؟؟...سيدة على هذا القدر من الدلال المستتر متفرغة لعدة ساعات وبجانبها مذيعة نصف عارية وشعرها مسترسل ( لست ضد العرى أيضا أو معه فليس موضوعنا)!! ولكني ضد التدلل بحجاب إسلامي له شروط ( وفق منظور من أوجده)..لعدة ساعات متفرغة تدعو إلى الله سبحانه وتعالى وترسل الوصفات حول أمراض العقم والسحر والشعوذة للمشاهدين!!..وتعرض هذا الإبهار لإقناع المشاهد برهبنتها وتطوعها وخدمتها لوجه الله تعالى!! ونحن المشاهدون المساكين نظن أيضا أن هذا التعب لوجه الله!!.. والحكاية في أصلها لعبة إعلامية مفضوحة وإعلان مدفوع الثمن من قبل محلات العطارة..لكنه مع ذلك لعب إعلامي عربي متخلف وغبي !!مقياسه الاعتماد على إبهار ربات البيوت( خصوصا) لمتابعتهن هذا الهراء بالساعات ..الأمر الذي يهز أركان اقتصاديات أسر محدودة الدخل لا ينقصها غول يلتهم دراهمها تحت رسم دعاية مفضوحة لمحلات الأعشاب التي يزعم أنها طبيعية في بعض أقطار الوطن العربي .. والميزة المضحكة المبكية أنه يبدو أنها دعاية مجانية بالنسبة للعطارين في ليبيا فهم يقبضون على خلفية هذا الهراء ومجانا دون أن يدفعوا..ليس لأنهم لا يريدون الاشتراك في هذه اللعبة السمجة ولكننا في ليبيا والحمد لله ليس للدعاية هذا القدر من الإبهار الذي يستحلب الجيوب..ولذلك فالدعاية في ليبيا من البضائع الكاسدة... المهم هذا آخر ما وصلت إليه وتفتقت عنه العقلية العبقرية الإعلامية العربية في استغلال الفضائيات وفى عصر الانترنت المتسارع والقرية الصغيرة ..هو : تخصيص قنوات فضائية للتعويذات القابلة لعلاج كل الأمراض بما فيها الأمراض التي لم يصل العلم حتى الآن لحلول لها..وكأنه ينقصنا تخلف وأوهام وضحك على الذقون أكثر مما هو سائد من عروض فضائية مقرفة.. وإعلانات بائسة ومدفوعة الثمن سلفا لنساء ورجال برسم البيع أيضا..يرمون الودع ويحلون مشاكل الزواج والتأخر فيه ويستدعون الغيبيات..ويعرفون أكثر مما يعرف الناس..ومع أن الأمراض العربية المستعصية كثيرة في الجانب السياسي والاقتصادي خصوصا..غير أن هذه القنوات المستحدثة تركز على أمراض النساء وتفاصيلهن الاجتماعية والضرب على أوتار حساسة لدى المرأة العربية !! لاستنزاف وارداتها ورميها في فم تنين كبير اسمه ( العطارة!!)...ويبدو أن مجموعة من العطارين هم أصلا مؤسسي هذه القنوات ، فهي دائما لديها الوصفات الطبية الجاهزة..كما لدى السيدة المكتنزة الفنجان الذي تقرأه للمشاهد أيضا..فكل الأمور متاحة وكل الاحتمالات واردة فقط المطلوب الاسم الكريم واسم الأم لكي تنجح التعويذة...وقد يكون بعض المتصلين على اتفاق مع القناة ليقع في الفخ الآخرون الذين يتصلون من بعدهم أو من قبلهم وذلك لإثبات مصداقية قراءة هذا الودع السحري...وليس خافيا أيضا أن لعبة الاتصالات لها نوافذ أخرى فهناك شركات عالمية تدفع عمولات للفضائيات مقابل هذه الاتصالات التي تصل أعدادها إلى الملايين وهى ذات اللعبة التي تمارس على المشاهد في المسابقات التي ترصد لها جوائز بالآلاف وأحيانا بالملايين ويدفع فيها لفائز واحد مقابل ملايين من الدولارات التي تتلقاها الفضائية عمولات للاتصالات...وما يزال هناك الكثير من السذج الذين يصدقون أن الإنفاق على الجوائز هو الآخر لوجه الله تعالى !! فكم من الجرائم ترتكب باسم الصدقات والمنح؟؟؟وكل هذا من أجل تثقيف وتسلية وراحة المشاهد العربي ليس إلا!! وان هناك بعض الأثرياء العرب على استعداد للتضحية بأموالهم من أجل نقل هذا المواطن من التخلف إلى التقدم!! رغم أنف ما يحتاجه أبناء فلسطين في كل مطلع شمس!!! الآن قد اكتشفوا لعبة أخرى للإلهاء..ولعبة ليست ككل لعبة..للشد إلى الوراء...لعبة أمر وأدهى ..هي لعبة ( الودع) ودغدغة القلوب المكلومة التي تراكمت عليها أمراض الزمن وتصاريفه..ساعات يجلسها المشاهد ( خاصة ربة البيت) للبحث عن الحظ السعيد والدواء الناجع للزوج حتى لا يبحث عن مخدع آخر..بالرغم من أن بحث هذا الزوج لا تفلح فيه كل هرطقات العطارين وقراءات الفناجين..فالقصة لها وجه علمي آخر يختلف..لكن على من تقرأ المزامير؟؟ المصيبة الأخرى أن هذه البرامج ( برامج الودع) أصبحت تستقطب الآلاف من المتعلمين أيضا والذين ينبغي أن يكون العلم هو مقياسهم والإيمان أيضا بأن الغيب لا يعلمه إلا صانع الغيب وحده. مؤشر خطير ومحزن لما وصلنا إليه في عصر لم يعد يحتمل وجود مثل هذه العقليات..لكن التعامل مع الأساطير وتصديقها له أسباب ووجوه أخرى ربما نفهمها..أولها الانكسارات والهزائم العربية التي مني بها هذا الوطن...وثانيها أهمها أيضا : عجزنا عن مواجهة أزماتنا الاجتماعية بأساليب علمية ناجعة..هذه الأزمات التي صنعت تربة خصبة لاستقبال هذه الترهات والأوهام..

هناك 14 تعليقًا:

غير معرف يقول...

استاذ محمد اجدت بارك الله فيك .. هذه امراض الاستهلاك .. وفضائيات الاستهلاك ..
aaa@aaaa.yahoo.com

غير معرف يقول...

ali_shelmani_89@hotmail.co.uk
add my voice with brother abu geela

Nasimlibya `√ يقول...

دعايات استهلاكية لشعب اعتاد كل شئ جاهز

مدائن الثقافة يقول...

ابوقيلة شكرا لك..نعم صدقت

مدائن الثقافة يقول...

الشلماني..ولا احلى من العربي..شكرا لتوافقك مع ابوقيلة واشادتك.

مدائن الثقافة يقول...

الى :Nasimlibya شكرا لمرورك الكريم واحيي بالمناسبة مدونتك الجميلة خاصة موضوع يسري فودة.

غير معرف يقول...

تنوعت الأساليب التجارية الاعلامية الادعائية في عصرنا هذا بشكل كبير جدا
المشكلة تكمن في العقول المتلقية .

شكرا لك سيد محمد

غير معرف يقول...

استغلال اعلامي تعيس فعلا

وكذب ودجل عيني عينك..

ورغم التحذيرات والافتاءات بحرمة مشاهدة هذه القنوات .. الا ان الكثيرات مازلن يحافظن على موعد البرامج تلك وكأنها المنقذ القادم من عند الرب.


للاسف هذا الجهل الذي يلف عقول نسائنا وبناتنا واستغلال عاطفتهن وابتزاز اموالهن مقابل دعاء او وصفة سحريه لعريس على الطريق.. او مرض مستعصي او حتى المحافظه على الزوج.

المسؤولية الكبرى تقع على تلك الشركات التي تملك حق اذاعة تلك القنوات..

والماديه التي يعيشون بها وقلة الدين .. فأصبح هم الاعلان تجاري ومادي فقط.. لا يحترم اخلاق ولا عقل ولا دين المشاهد.

والباقي على الي بيترك كل القنوات تلك على تلفازه .. وما بيقاطعها .. وبيكون اشد نصير الها.


شكرا لك الكريم السنوسي.. ظاهره منتشره للاسف في عالمنا واعلامنا العربي.

مدائن الثقافة يقول...

شكرا لمرورك الكريم العنود..نعم كما قلت ولكن الكارثة تتفاقم..تحية

مدائن الثقافة يقول...

يا ام كنان
نعم ..ولكن الجهل يتفاقم ويكبر وتكثر خطورته..لااحب التمسح بنظرية المؤامرة..لكن ماذا يعني هذا الالهاء لربات البيوت خصوصا..فهل ينقصنا جهل وخرافات..إنانا الموضوع يحتاج منا الى النقاش الاوسع...شكرا لمرورك الكريم

غير معرف يقول...

الاخ الكريم محمد السنوسي

نعم هو عجزنا عن مواجهة اي شيء وليس فقط ازماتنا الاجتماعية

مثل تلك التي تحمل شهادة الدكتوراة وتذهب الى قارئة الفنجان

باحثة عن العريس..!

مضحك مبكي

دمت مبدعا

مودتي

سلام

غير معرف يقول...

استاذنا الفاضل ..

رحم الله جداتنا من كن أكثر وعيا منا وهن لم يكن قادرات علي فك الخط حتى ... كانت جدتي رحمها الله تكرر مثلا حفظته عن ظهر قلب لتسمعه لأمي وصديقاتها دائما اياكم وتصديق المشعوذين يا بنات ( لاجوز سحورة ولا ابن نذورة ) وعندما سالتها عن معني الكلام قالت لي ..

يا نعمة الرجل الذي تحاول زوجته بالسحر والايذاء استعباده ليبقي معها حتي لو لم يكن يحبها لن يبقي معها أبدا وسيفارقها علي اهون سبب ؛ والطفل الذي يدلله أهله ويبالغون في تقديم النذور من أجل أن يعيش ويكبر لن يبارك فيه وقد يموت لأنهم لم يؤمنوا بقضاء الله وقدرة وتكالبوا علي فدائة .. اياك ان تنسي هذه الكلمات وهي للآن ترن في اذني .. رحم الله جداتنا من عرفن الله وعرفن القضاء والقدر وكان الايمان بالله والثقة فيه عز وجل هم الغالبين علي كل تصرفاتهم ...

غير معرف يقول...

شر البلية ما يضحك

واكثر ما اعجبني طريقة سردك للموضوع هنا

للاسف سيدي بتنا نرى العجب نحن

وذكرتنى هنا

بواحدة كانت معنا في احدى المنتتديات

تغري كل رجل فى المنتدي بكلام والله يخجل منه حتى ابليس

واول ما تعرضه عليك تتحدث معك قليلا وتقول لك انه نور رباني وونور محمدي

وعندما تسال ترسل لك صورتها بملابس داخلية وانا نفسي سقطت فى الفخ

لكطن والله يشهد على كثر ما كتبت فى مواضيع الدين ومحاولة تذكيري بانها داعية لم اتبعها انا

اتبعتها فى الغزل والمرح صحيح

لكن فى امور الدين لم اشاء ان اكذب نفسي اما الله واسايرها في هذا

والعجيب انه كان معنا اشخاص يدعو الدين يرتقوا معها فى كلمة ويهبطو وراءها فى كل همسة

وانا انظر واقول مابال هذه الامة

مكر وخداع وكذب على الدين

وعلى عينك يا شاري كما يقول المثل

لكن الشىء الوحيد الذى اعرفه انا واضعه امام عيني

ان كل داعية وكل داع مكانه بيته فليس هناك داع لان تخدع نفسها

وقبل ان تضهر على القراء والمشاهدين

كان يجدر بها ان تعرض نفسها على القرءان لترى مكانتها

لك الود سيد الود

مدائن الثقافة يقول...

جيبيريا
شكرا على مرورك الكريم..القصة التي سردتها للأسف من الجوانب السلبية في الشبكة الانترنيتية..وهذا يرجع الى الكبت والتخلف معا.