السبت، 11 يوليو 2009

(باب العواصف ) مسرحية طمست معالم الزمان والمكان ، عن سابق إصرارٍ وترصّد !

قراءة في نص مسرحية (باب العواصف) لمحمد السنوسي الغزالي
بقلم: لانا راتب ألمجالي*
……………………………….. أحرجني هذا النص المراوغ ، في فهمه وتفسير دلالاته الحواريه ، والمستندة إلى لغةٍ واضحة ٍ، وانفتاح أبوابه المبطنة على دلالاتٍ متعدده ، زاخرة بالإشارات التي توحي بأنواعٍ مختلفة من التأويلات السياسية والإجتماعية والنفسية ،ولكنني إنحزت أخيراً إلى التأويل الإجتماعي عن قناعة . الأول ، الثاني ، و(هي) المتوارية خلف أبوابها، وذاك البشع …هم شخوص المسرحية الحواريه ،مع إغفالٍ تام للمكان والزمان عن سابق إصرارٍ وترصّد ،ومن أجل تحقيق أهداف النص الموغل في غموضه رغم البساطة حين تكشف عن وجهها للمتلقي . الأول : هو( أنا المتكلم) المتماهي مع الذات ، وقد ظهر فيمابعد ومن خلال النص سبب تسميته ( الأول ) ، عندما يتنامى الحدث ويصل للعقدة من خلال( الاول : اعتذر وقال لست انت الاول ، بل لست آخر من يدق الابواب!!). الثاني : قد يكون صديقاً ، مع أنني أميل لاعتباره مكوًَّن آخر من( الذات أنا) ، في حوارٍ فرديٍ بوحي ، فيه إسقاطات نفسية على قدرٍكبير من الاهمية . (هي) : تلك المتوارية خلف أبوابها المتعددة ، وخلف الحوارالذي خلقه الكاتب من أجلها ، ومن أجل تسليط الضوء على قضيةٍ إجتماعية بحتة ( من وجهة نظري على الأقل ) ، وهي قضية الخيانة في أبشع صورها ، رغم صورتها رائعة الجمال التي رسمها الكاتب باستخدام صور بلاغية جميلة ومنسابة ، في أبهى صوره رغم الغموض ..بطل النص الوحيد غير المتواري في أحداث النص و من خلال :( اطفات قناديل الغرفة واشعلت قناديلها..كانت عبارة عن شعاع فضائي لايوصف ).•الثاني : آه..يالحظك الرائع ..اجتحت كل هذا• البياض؟؟الاول : نعم بكل ما فيه رأيته قطعة من جليد•• •• باهر..ذاك البشع : وفي هذه التسمية ، إعتراف صارخ ببشاعةالحقيقة ، لا في بشاعة هذا البشع نفسه ، أقصد أن الكاتب حمّل هذه الشخصية في ظهورها الأول والوحيد ، كل أوزار البشاعة المتجلية في حقيقة ( هي ) الخائنة ، وهنا كسبب آخر ومنطقي ، وهو أنه المسؤول ظاهرياً عن تلويث تلك اللوحة الجميلة التي كان يعيش داخل إطارها .…………..
كان الحوار يعتمد على الوصف السردّي ، الممتزج بسحر الخيال ، مما يترك للمتلقي حيزاً شاسعاً للتحليق في عوالمٍ أخرى ، وأقصد هنا وصف المتعة التي ذاقها ( الأول ) من خلال :( كان الفراش وثيرا وكانت في حلتها ترسل للقمر مواعيدا لاتخطئها ..)• (اوقدت النار ، وبعد قليل كانت روائح البن تجتاح رأسي..)وقد أحضر الكاتب هنا ( البنّ ) كرديف للمتعة ،وفي صورةٍ رمزية كومضة ، وقد كانت وما زالت القهوة تعبّر عن المزاج عند الكثير من الكتاب .*والرياح كانت في الخارج عاتية..لكننا لم نحس بها لفرط الوجد وخدر الغرام!!وقد أتوقف هنا ، عندهذه العبارة ، لأضع يدي على إشكاليةٍ واجهتني ، فالأول يعترف أنه أسيراً للوجد والغرام ، ولكنه وفي مكانٍ آخر من النص يعطي صورة لا يقبلها العاشق على نفسه وهي العبارة : (..لكني لست ضد ان تقضي وقتها…وكانت لتقول لي فأنالااملكها.)!!!• ظهور الحقيقية كان موجزاً ، ومكثفّاً ، مماأعطاه بلاغة واضحة ،(في البداية لم اصدقه !!لكنه جاءني ومعه الباب الخلفي وقال لي إقرأ..وكانت هي تكتب…ياإلهي لم اصدق ان للسحر باب خلفي.)لكنني شعرت أن الحوار الذي دار بعدها لم يكن ضرورياً وأقصدهنا : الثاني: يا للمسكين انت ياصديقي..وماذا حل(• بك؟؟.الاول : لم اقل لها شيئاً اتعرف لماذا؟؟•الثاني :• لماذا!!الاول : لان الباب يغني عن الجواب؟؟).•• ولا أنسى هنا ،الإشارة الى هذا الإستهلال للنص (قالت له انت الامل فأدخل من الباب عاري الرأس ) ، وتلك العبارة عاري الرأس بكل إسقاطاتها ودلالاتها الرمزية ، وتأثيرها المعنوي على قلب النص وعقله .…………………………..
• كانت القفلة جميلة ، وهي من النهايات المفتوحة ، كأبوابها وشذا عطورها ، مما يترك للمتلقي مساحات من المتعة الفكرية
………………
عموماً ، كان النص يطرح قضية اجتماعية ، وهي الخيانة ، دون أن يتدخل أبداً في مناقشتها ، وفي رأي ٍالشخصي ، أعتبر أن محمد السنوسي الغزالي استطاع أن ينجح في إرساء ديموقراطيته علىأجواء النص ، ولم يسقط رؤاه الخاصة ، بل اكتفى بالطرح مع إشارات مبهمة وذكية ، تجعل المتلقي يتجه نحو رؤية البشاعة فيها دون إقحامٍ أو تعدي . كان الحوار يتسم بالتكثيف والتركيز مع الحرص على وحدتي الحدث والإنطباع ، في قالبٍ مشوّق ، حتى النهاية . كانت اللغة واضحة وبعيدة عن التعقيدات التي لا داعٍ لها ، وكانت الصور والتشبيهات ، في غاية الجمال مع لمسةٍ حالمة واضحة ، وظهور واضح للرمز ، وبعض التضاد في ( قطعة من جليد باهر \ ليلة دافئة ، اطفأت \ أشعلت ) .وردت الكثير من الأخطاء في الهمزات ومنذ بداية النص (انت الامل فأدخل) ، وفي استخدام علامات الترقيم ، ممّا شوّه هذا النص الثرّي .كان إبحاري في هذا النص مرهقاً ، لكنني استمتعت كثيراً وأحيي كاتبنا القدير محمد السنوسي الغزالي ، على هذاالإمتاع ،وأشكره على سماحه لي بهذه المصافحة لنصَّ يحمل هذا البهاء . * كاتبة اردنية

باب العواصف؟؟‍مسرحية من نفس واحد5

الاول : قالت له انت الامل فأدخل من الباب عاري الرأس · الثاني: ودخل؟؟· الاول : نعم دخل.وكانت في كامل بهاءها..وسحرها..قالت له احبك.قال في غرور: اعرف· الثاني : وبعد ذلك؟· الاول : بعد ذلك كان السمر!!· الثاني : اريد وصفا دقيقا من فضلك؟؟· الاول : لك ذلك.· الثاني : انت اليوم على مايرام!!· الاول : لا تستعجل!!· الثاني : لابد ان هناك الاقوى سحرا..· الاول : هناك الاقوى مُكابدة!! · الثاني : يالغموضك تصف السحر ثم..تحرقه؟؟· الاول : لم اقل شيئا بعد !!· الثاني : تراوغ؟؟كأنك قلت كل شيء؟؟· الاول : ولكن لم اقل شيئا بعد!!· الثاني: قل!!· الاول : نعم..لاول مرة اقول الثاني: استمع اليك بإمعان!!· الاول : كان الفراش وثيرا وكانت في حلتها ترسل للقمر مواعيدا لاتخطئها ، وكنت اظن ذلك!!· الثاني : عدنا؟؟· الاول : بل بدأنا· الثاني : حسنا· الاول : اوقدت النار ، وبعد قليل كانت روائح البن تجتاح رأسي..· الثاني:جميل · الاول : لدرجة ان اصبت بالدوار!!قالت يا حبي انت جئتني في ظلمة السديم ، لااحد يمكنه غيرك الدخول هنا..انت اول رجل يجتاح هذا الكهف!!· الثاني : مازلنا في الجمال· الاول : اطفات قناديل الغرفة واشعلت قناديلها..كانت عبارة عن شعاع فضائي لايوصف..والرياح كانت في الخارج عاتية..لكننا لم نحس بها لفرط الوجد وخدر الغرام!!· الثاني : آه..يالحظك الرائع ..اجتحت كل هذا البياض؟؟· الاول : نعم بكل ما فيه رأيته قطعة من جليد باهر..كانت ليلة دافئة حالمة ولااروع..لكني ندمت بعد ذلك وما كنت اظن اني تغفلت· الثاني : دعنافي السحر الهائم !!· الاول : احترت..في ليلة اخرى عدت عن ندمي..كانت اسطورة يصعب تركها· الثاني : اتوقع هذا..ثم؟؟· الاول : ثم جاءني ذلك البشع الذي كرهته!!· الثاني : ماذا فعل بك؟؟· الاول : اعتذر وقال لست انت الاول ، بل لست آخر من يدق الابواب!!استغربت في البداية!!· الثاني : اريد المعنى الذي لم افهمه حتى الان؟؟· الاول : لاتستعجل..قلت له: هو باب واحد..سخر مني وقال: وهناك باب خلفي..دخلت انا بعدك مباشرة.· الثاني: وصدقته؟؟.· الاول : في البداية لم اصدقه !!لكنه جاءني ومعه الباب الخلفي وقال لي إقرأ..وكانت هي تكتب...ياإلهي لم اصدق ان للسحر باب خلفي الثاني: يا للمسكين انت ياصديقي..وماذا حل بك؟؟.· الاول : لم اقل لها شيئاً اتعرف لماذا؟؟· الثاني : لماذا!!· الاول : لان الباب يغني عن الجواب؟؟· الثاني: وهل فهمت هي ؟؟· الاول : تظاهرت بعدم الفهم..لكني لست ضد ان تقضي وقتها...وكانت لتقول لي فأنا لااملكها..وتذكرت لماذا استعجلت في خروجي في احدى الليالي!!· الثاني: تصر هي على عدم الفهم؟؟· الاول : نعم تصر· الثاني : ربما لم تفهم؟؟· الاول : تظاهرت بالحيرة!!..بينما لم تنتبه الى بابها الخلفي والرياح تصفعه وتفضح عطورها!!.

الخميس، 2 يوليو 2009

الطاعـــــــون!!...حكايــــــــــــة

اللعب والعرائس..والأحلام الطفولية البريئة ، هي أجمل لحظات العمر....
شارعنا الصغير في البركة عبارة عن زقاق كانوا يسمونه ( زقاق البوري )..
زقاق تكبر فيه الحكايات وتتضخم وتعلو وتكون لها فروع وأصول وحكاية في
مليون حكاية متداخلة .. بعض الحكايات تتجاوز المألوف إلى الخيال ..وبعض
الألعاب كانت كبيرة إلى حد الغموض!!..
خديجه ابنة الزقاق وعشيرته هي وأمها ..كنا نعتبرها المتحضرة المتجاوزة
الوحيدة في الزقاق..بعض الكبار يعتبرونها أسوأ!! وفى احد الأيام جاءت إلي
المنزل ..كان معها ( البوليس) ووجهها تكسوه الكدمات المتورمة..والبوليس
كان مسئولا عن الأخلاق!!.. وخديجة الفتاة الوحيدة في الشارع التي كانت
تخرج سافرة الوجه ..أما بقية الفتيات فيغطين وجوههن بالخمار الأسود..الألسنة
اللعينة لاتلوك إلا اسمها ..رغم أنى اعرف إحداهن كانت تفعل تحت الخمار
الأعاجيب..كنت طفلا لكنها كانت تضمني إلى صدرها في نهم غريب لم تدركه
براءتي في ذلك الزمن..خديجة ذات وجه مدور وراس جميل وشامخ ..وكان أبى
الوحيد في ألحى الذي لا يخجل من السلام عليها وعلى أمها وبعض المرات كان
يعطيها قرشين لكي تصحبني معها إلى المدرسة خوفا علي من الأشقياء..وأبى
رجل ورع متعلم وكان يحذره الناس من خديجة وأمها لكنه كان يرد على
ملاحظاتهم بإيماءة من رأسه تدل على عدم الاكتراث.. فلا يرد على
ملاحظاتهم..كان يقول :
- هؤلاء كل منهم يحمل خطيئته لكنه يتحدث عن الآخرين وكأنه راهب متجلي!!
لم افهم ما يقوله أبى لكن سلطة الأبوة تجعلني استقبل قولــــــه من المسلمات
وان لم افهمه..
وخديجة بالرغم من صفاقة الالسنة حولها، تعلو قسمات وجهها الأنفة ..والحاج
مصطفى الاعور صاحب الدكان كان اكثر الناس حدة فى انتقادها ، فكلما رآها
بصق على الأرض وتمتم بكلمات قبيحة اذكر منها :
- أللعنة عليك ..آه يا بنت الكلبة الصارفة (1)....!!!؟؟؟
خديجة يتيمة الأب..لا نذكر والدها بالتحديد وربما كانت تسكن في حي آخر وبعد
ان مات أبيها انتقلت هي ووالدتها إلى زقاق البوري..أو ربما قد مات قبل ان
نعرف الحياة..هي وحيدة أمها وتعمل لدى محل للخياطة ، وكان أبى يخيط بعض
قمصانه عندها فقد كانت تملك آلة خياطة قديمة وكنا عند سكون الليل نسمع
قرقعتها...كانت آلة يدوية غريبة كلما عملت اهتزت بأكملها وكنت أتصور عدة
مرات أنها سوف تتحول إلى شظايا!! وكونها خياطة ربما كان هذا هو سبب
أناقتها ، أبى كان يأتي إلى أسرة خديجة نهارا وأمام الناس..بعض النسوة يخيطن
عندها سرا بدون علم أزواجهن بإ ستثناء زوجة أبى ( أمي )..وخديجه كانت
أيضا مثار إعجاب الفتيات في الزقاق لكنه إعجاب مكبوت!! ..فى احدى المرات
ذكرنا خديجة بسوء فنهرنا أبى ..كانت المرة الأولى التي يسمع فيها الأطفال
رجلا يدافع عن خديجه والشمس ساطعة!! فقد تعودنا على تحريض ( عقلاء!)
الشارع لنا لإهانتها والتعريض بها والتصفيق سخرية منها وذلك مقابل عطف
الحاج مصطفى بالحلوى الرديئة التى تنبعث منها روائح الفئران , كان أبى يقول
له :
- أنت تعطى الأطفال الطاعون يا مصطفى مقابل هذا الفجر الذي تحرضهم به.
ولسبب ما كان مصطفى يخشى ا بي فلا يرد عليه بل ينكمش في دكانه بينما أبى
ينهره، ثم يذهب إلى عمله ..ومصطفى مقابل طاعونه يشعر بالغبطة لهذه الزفة
التي نجريها من آن لآخر للمسكينة خديجة..والحلوى كانت كافية لإغرائنا بفعل
المزيد..لكن خديجه لم تكن تعرنا اى اهتمام ، كانت تنظر إلينا نظرة لم نفهم
معناها ..وتنقل أنظارها بيننا وبين مصطفى الأعور ثم تذهب ، وفى ذلك اليوم
قال لي أبى:
- خديجة فتاة كادحة وتثق في نفسها وتحترم ذاتها ..وكم من فتاة تخفى وراء
الخمار ( مرا ودهاء ) فلا تفعلوا بها ما تفعلونه وسأعطيكم أنا الحلوى النظيفة
وبدون طاعون.
بالفعل كان صادقا في وعده ومنذ ذلك اليوم لم نتعرض لخديجة ولم نعد نهتم
بها .. استغرب مصطفى هذا الموقف المفاجىء :
- أيها الملاعين منذ أيام لم اسمع أصواتكم..هل تريدون مزيدا من الحلوى؟؟
- لقد قال لنا أبى أنها مضرة وتسبب الطاعون.
* عندئذ امسك بيدى وهزنى بقوه وقال بحنق :
- آه منك ومن (بوك) الداهية!!؟؟
· يوم ان جاءت سيارة البوليس مع خديجة وكانت راكبة من الخلف بينما أبى
يجلس إلى جِوار السائق..عرفنا الحكاية...احدهم حاول الاعتداء على خديجه
وأمها غائبة في المستشفى ..ولم يظفر منها بشيء..وعرفنا ان العاشق الولهان
لم يكن إلا الحاج مصطفى الذي ولى هاربا تاركا سبحته الطويلة في فناء المنزل
القديم في آخر الزقاق..حامى شرف الزقاق الغيور عليه تسلل ليلا إلى منزل
خديجه ..ومن يومها لم يفتح دكانه الذي لم نراه مقفلا منذ ان عرفنا الشارع
ولعبنا فيه..حيث كان يفتحه في الفجر ولا يقفله إلا عندما يخف دبيب الأرجل
أواخر الليل ...
· أما خديجة فقد انتقلت مع أمها إلى شارع آخر ..وبعد سنوات وبعد ان نسينا
خديجة وأخبارها كان أبى ذات يوم جالسا امام دكان احد أصدقائه وإذا بفتاة تمر
من امامهما سافرة الوجه شبه عارية تتمايل فى خطواتها فقال الرجل لأبى:
- هل تعرف هذه البنت؟
- ..........................!!
- إنها ابنة الحاج مصطفى الأعور .... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش: (1) الكلبة الصارفة باللهجة الليبية..هي الضائعة ألشبقه التي تبحث عن اى ذكر دون تمييز..