الأربعاء، 16 أبريل 2008

ليلة حزن فى قصر الوالى

ليلة حزن فى قصر الوالى حكاية قديمة محمد السنوسى الغزالى حضرة الوالى وضع الرجل اليمنى على الرجل اليسرى..( فاعلموا !) و( انتبهوا!)..وكانت الحاشية ..من وزراء وتنابلة واماء وعبيد وماسحى الجوخ والسبابيط ..قد احاطت بسريره المُزركش من كل جانب...اتكأ والتفت ذات اليمين ثم ذات الشمال..ثم غير وضع رجليه ( فلا تنتبهوا ولاتعلموا!) ، وكان الهواء يتنفس تمايل اشجار القصر..فالوالى كان ممتعضا ، شحوبا ، اصفر السحنة ، متقلق ، كمن تكالبت عليه نوائب الدهر ... الوزير تنحنح فى حضرته وهو واقف عليه مثل كل واقف!! واراد ان يجرب عقيرته !! مُحاولا الايغلال فى مداخلة لايعرف من اين يبدأ فيها !! ولكنها مداخلة فيما يبدو انها للتخفيف من وطأة الحزن على حضرة الوالى ، فتكسر حِدة الصمت ، وتدخل البهجة الى قلب ولى نعمته ..قال: - لاترعوى مولاى الوالى..لاتبتئس ولاتفكر..فداك كل العبيد والإماء!!إنه عبارة عن عبد زنيم ، ثمل ، ترنح فى ارجاء القصر من فيض حبورك(!) واعتلى السكر راسه الغبى الفارغ ..فرأى الفأر حِصانا ً ، واراد ان يمتطيه !! فما الذى يضيرك؟؟ عبد ومات .. نقص من عبيدك كلبا واحدا!! تصور يا مولاى ظن العبد الآبق ان الفأر حِصانا !! · ثم اردف الوزير مداخلته بضحكة مكتومة مِعبرا بذلك عن اجواء ختام النكتة السخيفة !! - سخيفة ( قال الوالى ) ، الغبى كيف تصور ان الفأر من الممكن ان يكون حصانا؟؟ واذا كان كذلك..فكيف تصور العبد ان يجد حِصانا فى جناح الجوارى؟؟ حيث وجدتمزه ميتا !!. · جرب الوزير حنجرته مرة اخرى... ثم قال: - لقد مات .زمات يا مولاى على اية حلال..ليس من حل الا الصبر؟!! عوضك الله يا سيدى الوالى عنه مالا وفيرا ..وسيرجع الله الى كيسك بفعل صبرك على خسارته اضعافا واضعاف ثمن راس العبد الغبى !!هذا الآبق الذى ذهب الى جهنم!! - الى جهنم( قال الوالى)..نعم الى السعير..اتعلم ايها الوزير الممل ان هذا العبد قد دخل حرم القصر بدون إذن ، وهو يُلاحق الفأر!!..ربما كان ينوى السرقة؟؟ · صمت الوالى..ثم اردف فى لهجة مرتابة : - ترى ماذا يريد ان يسرق؟؟ - ربما كان يريد التسلل الى حجرة الخزانة ( قال الوزير) لان بابها من داخل جناح الجوارى يا مولاى!! حفظ الله خزانتكم فارسل عزرائيل اليه ، وارسل الطمأنينة الى اموالكم ، الحفظ والزيادة لكم والوقاية من كل شر انت يا مولاى وحاشيتكم !! · لم يقتنع الوالى..مايزال مُرتابا.. قال بلهجة المُكتشف!!:د - ربما كان يريد سرقة شىء اخر غير المال!! - حفظ الله حريمكم( قال الوزير) لااظن انه يتطاول .. - ايها الغبى الاحمق( قال الوالى) لااقصد حريمى..بل اقصد راسى؟؟ راسى وليس حريمى او خزانتى!! · هنا انتفض الوزير كمن لسعته بعوضة وقال : = لايا سيدى ومولاى وتاج راسى وراس الناس ..العبد الآبق كان يظن انه يطارد حصانا ً ، فوقع على ارضية الجناح متزحلقا على المرمر اللماع ..مجنون يا مولاى..مجنون..لقد سمعت من العبيد عدة مرات يقولون : ان هذا العبد كان دائما يظن ان باحة القصر فى الشارع !! وان القصر – عافاكم الله – حظيرة تظم الخيل والحمير والبغال..صدقنى يا مولاى ..هذا ما اودى بحياة هذا الآبق التعس..عوضك الله فيه وفى قوته .. تونس 1990م.