الأربعاء، 13 مايو 2009

سُمـــــــــار بنت البحر2 حكاية طويلة!!

فرج الحوات شاب مشوب بالغموض ، سماه كمباري فيمابعد[ الكاردينال الصامت ]ولااحد من الشلة يعلم سبب التسمية ، فرج الحوات رمت به المقادير شرطيا في بنغازي يعمل في النقلية بالريمي ، هاديء ، صامت ، فارع الطول ، احيانا يرتدي اكثر من لباس واكثر من جورب واحد ليوحي للناس بأنه اكثر بدانة من وزنه الحقيقي ، مُثقف يقرأ دائما الروايات الكلاسيكية القديمة وجد فيه احميدة دفء افتقده دائما ، عرفه على الصادق النيهوم واحضر له الشيخ والبحر وعمال البحر قال له : انت تجلس هنا في قلب هذه الشلة التي لاتعرف عن البحر اكثر مما يعرفه العاديون ، لابد ان تتعرف على البحر وحكاية سانتياجو مهمة للتعرف على هذا الهدير الغامض ، ورواية عمال البحر هي بذات الاهمية ، فرج الحوات لم يتزوج بعد يأتي الى الشلة بدراجته ويبقى حتى اواخر الليل ثم يعود إلى الريمي ، واحيانا يغيب عنهم عندما يذهب الى شقيقته المُتزوجة من احد ضباط الجيش وتسكن في راس اعبيدة بالقرب من معسكر الامداد ، حياته قضاها في القراءة والصمت المُريب ولم يجمعه بالشلة غير بنت البحر، له اراءه وتعليقاته حول الشلة التي يبديها بإقتضاب شديد لكنه يحاول دائما الا يخسر علاقته بأحد. · البحر غادر، البحر اعمق اسرارا من الانس والجان ، البحر عدو وصديق ومريد ورفيق جميل احيانا ، هذا مايقوله ، فرج الحوات ، والده كان بحارا قديما في بنغازي تزوج سيدة من عائلة البراني وبعد سنوات من الحرب العالمية الاولى اضطر لمغادرة المدينة بعد ان اصيبت بوباء هرب منه مرتعباً إلى سوسة المدينة الصغيرة الجميلة على شاطيء البحر ، زرقاء اجواءها مثل بحرها ، شقراء ايضا كما يقول ، فرج الحوات مثل سكانها الذين اتوا اليها من جزيرة كريت .. ، فرج الحوات لايتواءم مع الشلة في تفكيره ، لكن ركن بنت البحر وجد فيه مهرب من احزانه التي لا تُحصى ، هو جُذع من نخلة بنغازية ، اراد ان يُقاتل وحدة اليتم لكنه فشل ، فشل لانه بدون رأسمال بعد ان الم الفقر بوالده في سوسة ومات في غرفة نائية على الشاطيء بعد ان باع كل ما يملكه بسبب سهراته التي تعرف عليها كما تعرف على زرقة اجواءها وشقر اركانها ، تلك هي تصاريف الحياة كما يقول ، فرج الحوات ، لذلك ايقن بغدر البحار و ان القراءة هي الملاذ الوحيد للتعرف على الاعيبه حتى لايقع في حفرة ابيه !! تلك الحفرة التي حولته من مليونير إلى صعلوك ومن مورد للتبغ من الجزر اليونانية إلى بائع اصداف عند صخرة الموت التي لقى حتفه بقربها .· غاب كمباري لعدة ايام لم تنتبه الشلة في البداية ظنوا انه كعادته في رحلة بحرية وربما ستطول لان كمباري قال لهم ان رحلته القادمة إلى بحر الشمال ، لكن الاجابة لم تتأخر كثيرا فقد جاءت الشرطة بعد يومين من غيابه وقلبت الكوخ بحثا عنه ، قيل لهم انه قام بلكم احد الاجانب ، وطالت غيبته وغابت اخباره ايضا ولم يعد الى الشلة واغلب الظن انه لم يعد في بنغازي ، لقد هرب كمباري .· مجتمع صغير صنعته هذه الشلة بحجة بنت البحر ، لكن الحجج قد تتراكم ، هناك الملل والوحدة والشعور بالاغتراب والوحشة كما يقول ابوالفشنك الصعيدي الصعب المراس الذي كان يؤكد دائما انه من بني مر وهو رجل مر مثل عبدالناصر تماما كما يصف نفسه في اوقات السمر والنشوة ، لكنه عندما يواجه نفسه يقول اشياء اخرى ، يتبرأ من كل جذوره ، هو الآن ابن توريللي ولايعرف غيرها ، ولكنه احب توريللي وتعاطي معها وكأنها أمٌ رؤوم كما يكرر له جاره حميد العريبي الذي يحبه كما يحب توريللي ، ابوالفشنك له وضع خاص في الشلة لانه المكتشف الاول لبنت البحر ولولاه لما التقى هذا الجمع الرقيق كما يقول التشوش في شعره العامي · التشوش شاعر في حروفه ملايين السرد عاش ظروفا صعبه ووسط صعب ومُحيط اصعب على قمته أبٌ هو الآخر صعب المراس لايوجد ابجدية للحوار معه ، الحنان يعتبره نوع من الضعف والفضائح لذلك هو مدفون في اعماقه ، لايفضحه احيانا الا بريق عينيه من بقية دموع سرية لايسكبها امام الناس ، و التشوش يحب البحر ويناجيه ويسكب على اطرافه اسراره التي لايبوح بها الا لنفسه ، ولذلك كانت الشلة تطلب اليه ان يقرأ لهم مرارا حكايته مع البحر واسراره :·احميده الفايح كما يسميه كمباري احيانا (عندما يكون حانقا) بسبب اطواره الغريبة في الانكباب على القراءة مع فرج الحوات واحيانا امبية، عندئذ يقول كمباري : · - بدأ طابور احميدة الفايح .· ذلك لانهم كانوا يأخذون مكانا قصيا عن الشلة ويبدأون في التهامس.
يتبع

سُمـــــــــار بنت البحر1 حكاية طويلة!!

بنت البحر حكاية من احدي حكايات الذاكرة البنغازية .. كوخ صغير على ضِفاف الشابي ..التئمت فيه وجوه عدة..ليس يجمعها غير بنت البحر ..كل منهم له مدائنه وعالمه واسراره ومزاجه وحبه وكرهه وعشقه وهواياته وجنونه وعقلنته... بنت البحر جمعتهم..ربما ثلاثة او اربع او حتى عشر سنوات.. وبعد ان انفرطت عقودهم لم يعودوا يلتقوا الا لماماً..كونوا مجموعة لاتعرف كيف التقت و لاكيف تمازجت كل هذا الوقت..يحبون صيد السمك ،بعضهم يحب رفقة الصيد ولا يجيده، بعضهم لايجيد غير الجلوس على الشاطيء بدون خوض تجربة العوم في البحر ..· بنت البحر ظلت ذكرى في اذهان من بقي من الشلة حيا..وهي البحر حكاية بسيطة وعجيبة..بسيطة لانها قد تحدث في بقع اخرى من العالم وعجيبة لانها غريبة عن اجواء بنغازي التي نعرف. · يتثاءب واقفا، ظهره للبحر، شاطيء الشابي هاديء في يوم صيفي.. ومن البعد يبدو قرص الشمس يحتضر ويبتلعه الافق شيئا فشيئا .. كمباري ينتظر الشلة..بينما امامه كوخهم الذي صُِنع من سعف نخيل اللثامه ..قال جنقوله ذات يوم: - احرق يارب من يحرقه واقطع يارب من يقتله!!!- اللثامه شمس النهار..قمر الليل.كما يقول التشوش ..صنعوا كوخاً يرتفع قليلا عن سطح الرمال بينما يتم الصعود اليه بسلم خشبي صنعه لهم بإتقان البوكسياري النجار ابن النجار القديم (ابوصلاح)او الشيخ جبريل الذي تحول الى عطار اما سعف النخيل فقد اجاد ربطه واحكامه كمباري البحار ، هذا مُبتدأ حكاية سُمار بنت البحر .· اقترب موعد حضور الشلة..كمباري يأتي مُبكرا لبنت البحر ..يجهز الفحم والنار والشواء ويترك الشاي لهم..هذا هو شغله ، اهتمامه الذي لايقبل لغيره ان يقوم به منذ ان وجدت الشلة نفسها تلتئم قرب البنت..ولايعرفون البداية لهذه الالوان المتداخلة الا من خلال بنت البحر.. كمباري نفسه لايعرف كيف التئم الى هنا..هي جمعتهم..وهي ايضا فرقتهم بعد ذلك!!.· كمباري رجل مقطوع الاهل..يسكن بالايجار في بيت قديم بالبركة ..تعرفه بنغازي القديمة بشخصه..ولكن لااحد يعرف شيئا عن دواخله او غموضه ، كل افراد الشلة قال لهم جيرانه (وعينا الدنيا فوجدنا كمباري يسعى بين الناس)..من اين اتى؟؟ ومتى؟؟ لايعرف احد من الصغار ولم يعد يذكر احد من الكبار ...ولم يعد احد يسأله ..بالاحرى قلبوا هذه الصفحة ولم تعد تهمهم..لانهم لايتصورون الحياة بدون كمباري بسبب اسئلة لم يعد لها معنى !!بالرغم من انهم افترقوا بعد ذلك.. لكن كمباري واحد منهم..يغيب احيانا شهرا كاملا في اليونان او ايطاليا او احيانا بحر الشمال او اينما تحمله السفينة الايطالية التي يعمل عليها ثم يعود الى بنت البحر يجمع الحطب ويشرف على الشواء وينفذه ايضا..شواء لحم العجل واحيانا كثيرة السمك..واثناء غيابه كان ثلاثة منهم على الاقل يقومون بمهامه المتعددة .· من خلف الكوخ والشمس تسافر تبين شبح التشوش !! اشار له كمباري ان يسرع فقد بدا الهدوء مُخيفا ، والتشوش شاعر رقيق سمته الشلة بهذا الاسم لانه كان يصرخ كلما عاند الحوت واكتشف بغريزته الاعيب الصيادين وشباكهم فيتجنبها ..كان يصرخ من طرف المركب: التشوش يا جماعه (أي عليكم بالديناميت!!)..كم مرة تغنى واطربهم بأشعاره اذا كان مُعتدل المزاج .. كمباري بحار لكنه ليس صيادا ماهرا..يحب البحر ..لابد ان يراه كل يوم ويشنف اذنيه بصوت الموج ويتمتع بمشهد الزبد وهو يترامى على الصخور، يحب اكل السمك بعد ان يصطاده اصدقائه له!!...· لكنهم هنا ليسوا صيادين..انهم سُمار يلتقون... بنت البحر هي التى جمعت هذا الجمع من الماجوري والبركة والصابري وسيدي حسين والفعكات والسكابللي والريمي..جمع تعرف على بعضه البعض بمحض الصدفة..كانت احياءهم وولاداتهم متباعدة..انها بنت البحر. · ذات يوم عندما مر ابو الفشنك الصعيدي بالقرب من مكان الكوخ على شاطيء الشابي لاحظ فجأة وهو يتسكع جسما غريبا صغير الحجم يتقافز في الماء بإرتفاع متر واحد ثم يعود الى العمق..مشهد لم بألفه وهو ابن توريللي لصيق البحر منذ ربع قرن..دفعه الفضول الى الاقتراب..فإذا هي سمكة صغيرة الحجم ولها رأس مُستدير مثل كرة التنس ..وقد يكون مألوفا في مناطق اخرى من العالم هذا المشهد..قد يتقافز الحوت من جميع الانواع والاحجام..ولكنهم هنا لم يتعودوا على ذلك ..هنا مكمن الغرابة..تجمع الناس حول ابوالفشنك ..بعضهم جاء به مصدر صراخه من فرط دهشته ..بعضهم ارتعب وابتعد..بعضهم اندهش ولم يهتم ..البعض الاخر ارتكن الى البحث عن الحقيقة ولم يصدق حتى شاهد بنفسه ..وفي كل يوم يتوافد الناس ويجلسون بالقرب من الشاطيء لمتابعة المشهد..تعرف بعضهم الى البعض بعد ان وصلت اشاعة بنت البحر الى كل الاحياء ..ثم مع الايام تقلص الاهتمام فلم يبق من هذه الاطياف غير هذه الشلة.. بدأت اللقاءات بالشاي تحت السماء ويوميا ثم تطور ببناء الكوخ من سعف نخيل اللثامة ، وتعاون الجميع في البناء. · ايه الحكاية احضر الفرش و ايه الحكاية رجل من اصل ليبي ولد في مصر وانتقل مع عائلته الى بنغازي صغيرا..احيانا تقابله مواقف غريبة فيعبر عن دهشته بقوله (ايه الحكاية) باللهجة المصرية فما كان من الطلبة الاشقياء الا ان ينادونه(ايه الحكاية) فتعلق اللقب به. وهو من الذين يطلق عليهم وصف (l.b) عاد مع اسرته وكان مُكتظاً بأحلام الثراء ، باعت اسرته اراضيها الزراعية في الفيوم على امل التعويض المُجزي في ليبيا انتهى الامر بأبيه فحاما في غابات البياضة بعد أن كان صاحب ارض يأكل من بطنها اصبح اجيرا يعمل باليومية ويسكن في براريك الكيش التي يغمرها الوادي كل عام وبعد ان كبر ايه الحكاية وبسبب تركه للدراسة مُبكرا انتهى به المطاف حارسا للقسم الداخلي بمدرسة البركة الدينية ومادة للتندر من قبل الشياطين هناك .· جنقوله ولد في الماجوري..ديدنه بعد ان يجمع الجنيهات من عمله في الميناء ، يسافر الى الاسكندريه ينفقها هناك خلال سبعة ايام ثم يعود هذا برنامج حياته ببساطة..انسان حبوب وطيب لايؤذي احدا ويتأثر اذا تعرض احد ما للإيذاء. · حضر امبية وهذا شاب عرفته رفيق دراجته ، قصته ليست غريبة ، ربما فريدة ، دلله ابوه فأشترى له دراجة كان يذهب بها الى مدرسة سيدي حسين يركنها قرب السور وعند نهاية اليوم الدراسي يجدها في مكانها (كمباري كان يقول لو انك تركتها اليوم لسرقت ولوكان حارسها بنت البحر).. قامت مظاهرات الطلبة عام 64 اختطفها منه عسكري في القوة المتحركة وعندما حاول مقاومته قام العسكري حنقا بتحطيمها بحجر بناء حتى تحولت الى بقايا دراجة وكأن قد دهستها عجلات بطاح!! ،اشترى له والده دراجة اخرى..ولكنه مايزال يذكر المرحومة بكل حسرة..يقول انه يرى الان ذلك العسكري في الاسواق ويتمنى لو ينتقم منه...امبية هو الآخر جلبته الى هنا بنت البحر بعجائبها...البوكسياري مُلاكم مُتقاعد رغم انفه ، آخر مباراة له هُزم فيها بمذلة جعلته يغيب عن انظار الناس بضعة اشهر حتى وجد شلة بنت البحر ، عاود الظهور من جديد وخرج الى الشارع بفضلهم ، لكنه لم يعد الى الملاكمة ، يحزن لذلك احيانا ويعبرعن هذا الحزن لاصدقائه ، لكنه في قرارة نفسه مُغتبطا لانه ما يزال على قيد الحياة..البوكسياري ..امه ياسمينة ، كانت من اجمل النساء ،ووالده الشيخ جبريل العطار..تزوجها في ريعان شبابها (يقول البوكسياري) : اشتراها ابي وانجب منها ثم مات بعد ان ترك لها مسئولية حتى اولاده من مرضية العجوز ونحن ودكان العطارة..وياسمينة ام (البوكسياري) حكايتها حكاية لاتسمعها الا امرأة تشعر بأنها ياسمينة ذاتها كما يقول البوكسياري ،الشيخ جبريل عندما تزوج ياسمينة كان رجلا مسنا ، وقوريحترمه كل اهل الحى الذى يسكن فيه ، طويل القامة ، فارع ، خفيف الحركة والظل والدم والحضور .. يصحو مبكرا .. يصلى الفجر ، يدعو كل الفقهاء لجلسات السمر.. يسافر الى مكة كل عام ، تقوم زوجته الشابة ( ياسمينة)كل صباح بإعداد القهوة بدون سكر ، يفتح الشيخ جبريل المذياع كل صباح ، يسمع كل الاخبار من لندن الى مونت كارلو ، تسأله عن اخبار العالم ، يزودك بها طازجة وعلى المقلوب!! ويسمع بعض الاذاعات العربية ، ويعرف جميع انواع العطور عن طريق الشرق الاوسط !! لايعطيك ولا يأخذ منك ، موقفه فى الحياة (اسلم , تسلم) ،تزوج وعش ومتع نفسك!! يهزأ من الحرب الدائرة فى لبنان ويقول عنها ( لعب عيال ) ويقول انه لايوجد مشائخ عاقلون يحلون المشكلة كما انه لايفهم شيئا فى الحرب الباردة ويقول انه لايوجد ابرد وجها من مرضية ، يخرج سيارته الفوكسهول الانجليزية العتيقة من المرآب بعد قهوة الصباح ، ويذهب الى دكانه فى السوق ، يتجاذب الاحاديث مع التجار ويبيع العطور للعجائز والفقهاء ويحفظ اسماء الاعشاب والاحجبة والتعاويذ , يرجع الى المنزل عند الظهيرة ، ينام قليلا ،ثم يقوم لتناول الغداء ، يذهب مرة اخرى الى دكانه بصحبة اولاده لمواصلة البيع والثرثرة حتى المساء..وفى المساء تبدأ حكايتهم...عند بدء الليل تلتف اسرة الشيخ حول التلفزيون ، بما فيهم الحاجة( مرضيه) زوجته الاولى والتى تتساءل بينها وبين نفسها في خبث:كيف نفع جبريل مع ياسمينة؟؟!! ويحب الشيخ البرامج الخفيفة ، مرح ومتطور!!وترتعش يداه عند مرأى ( احدى المُطربات) وهى تغنى ،كان يقول بينه وبين نفسه ان عنقها عبارة عن زجاج او سلوفان شفاف تبان من خلاله كل الوان ماء الورد الذي تشربه وهومنساب الى بطنها، احيانا تسقط المسبحة من يده دون قصد!! وفى بعض الاحايين تنتابه هستيريا الوقار ، فيقفل التلفزيون ، ولااحد يجرؤ على السؤال عن الحنبلية المفاجأة ، يأمر الجميع بالذهاب الى مخادعهم بصوت جهورى ولايستثنى من الهستيريا حتى مرضية التى يتظاهر لها بالود والاحترام فى لحظات الهدوء.فهمنا بداية الحكاية على ذمة (البوكسياري) الذي جاء يفرغ جعبته عند بنت البحر.. الشيخ الوقور له زوجتان، الاولى تزوجها فى شبابه ، الثانية اشتراها من السوق ( على حد قوله ) عندما جاءت ذات نهار برفقة امها تبحثان عن وصفة لسوء الحظ أو لقلته ، اعطاهما الشيخ الوصفة بأن اشترى الفتاة من امها مقابل الحج الى مكة ، مهمة ياسمينة الطبخ ثلاث مرات فى اليوم ، تدليك ارجل الشيخ كل مساء..التربيت على ظهره قبل النوم! اما مرضية فعليها ان تأ كل وتستريح..لانها تفانت فى خدمة الشيخ ثلاثون عاما قمرية متصلة ، وآن لها ان تنام لوحدها دون ازعاج..و للموظفة الجديدة ( ياسمينة ) مخصصات ليست يسيرة ، فأمها تذهب الى الحج كل عام تتبضع على حساب الشيخ ، وشقيقها يسافر للاستجمام فى اوروبا على نفس الحساب , ويذهب ايضا والدها للترفيه عن نفسه ايضا على نفس الحساب الى لندن.. الجميع يأخذون باسم ياسمينة التى لم تعرف الحج ولم تسمع عن لندن .. ولم تخرج من البركةالا مرة واحدة الى الصابرى حيث يسكن الشيخ جبريل .. اما الشيخ فهو اغلب الاحيان فى عطارته واحيانا فى الحج ويسمع الاخبار ويحللها على طريقته ويشترى ( النعاج) كما يشترى ايضا شباب العذارى بدكانه على حد تعبير (البوكسياري)..الشيخ جبريل مات وترك لياسمينة هذا الكوم من الرؤوس المُعقدة مثل (البوكسياري) .· احميدة كان اصغرهم احضره كمباري إلى بنت البحر واضافه الى الشلة ، لم يحضر بداية الحكاية ولم يعلم بها الا من خلال حكاياتهم ، شاب يتيم يعيش في بيت والده ميسور الحال لكن امه غيبها الموت وهو طفل رضيع ، يعطف عليه كمباري ويحميه ايضا ، واثناء غيابه في رحلاته البحرية يعهد به الى التشوش فهو الاقرب اليه لانه شاعر واحميدة يحاول كتابة القصة.· حضر الجميع وجُن الليل وهدأت الاركان الا من صوت تقافز بنت البحر المعهود وهي تلتقط فتات الخبز الذي ترميه لها الشلة والتي لم تعد تهتم إلا بجوارها او انها اصبحت جزء من السمر والمكان الذي صنعوه ، ويتعالى دُخان الحطب الذي تأكله النار التي هي اخف وارحم من نار جهنم كما يقول ايه الحكاية. · ذات ليلة من ليالي سُمار بنت البحر قطع سكون الموج صراخ إمرأة انبعث من الشاطيء ، بالقرب منهم ، كانت المسكينة تقاوم شابا يحاول إغتصابها ، هب الجميع إليها واوسعه ايه الحكاية ضربا بهراوته التي لاتفارقه حتى غرق في دمائه وهرب بأعجوبة من قبضاتهم ، قال البوكسياري :- لكنها داعرة معروفة.- ايه الحكاية برر موقفها : - ايه الحكاية ياجماعة هي داعرة ولكن بمزاج رائق!!- ضحك الجميع. · فتحي ..ضعيف البنية قوي الارادة شهم وغير كسول ، يعمل في الميناء (حمال) ، كانت مهمته صعبة في البداية لكنه اصر على الاستمرار فليس ثمة حل فهو ابو البنات الستة ، يحتاجن الى اكل وشرب ولباس ، وكلها بنفقاتها حتى زواجهن يحتاج الى ذلك ،ذات مرة اختلف مع ايه الحكاية وكاد ان يصل الامر الى اللكم لولا تدخل كمباري قال فتحي يومها لايه الحكاية (انتم الذين اتيتم لنا بهذه العادات المُكلفة كنا في خير وسلام حتى علمتمونا قصة جهاز البنت). · عندما جاء فتحي للميناء وجد امامه اشاوس مفتولي العضلات ، سخروا من هيئته وبنيته ، لكن الذي بينه وبين نفسه اقوى ، كان الخبثاء يريدون الاطاحة به بأي ثمن ، اعتبروه دخيلا وغير موثوق به !! وكان مدخلهم لاحباطه هو ما يبدو عليه من قصر وهزال ، اتفقوا على محاصرته ليترك العمل ، حاولوا زرع اليأس والملل في نفسه ، ذات مرة كانت هناك سفينة ايطالية تحمل شحنة سكر ، وكانت العادة ان تضع الرافعات (البراقة) فوق السيارة واحدة بعد الاخرى ثم يحمل كل سائق مجموعة من العمال لتنزيل الاكياس في المخازن ، تشبث فتحي بإحدى الشاحنات وهناك حيث التنزيل كان العمل يصطفون على نحو افقي بجانب الشاحنة ووجوههم عكسها لكي يقوم عمال آخرون من فوق الشاحنة بوضع الاكياس على ظهورهم ليحملوها الى المخازن ، احدهم رمي الكيس عمدا بثقله على ظهر فتحي لإنهاكه لكنه كان يتوقع الفعل فيستقبل الكيس وهو مستعد نفسيا وجسمانيا لحمله ، مع الايام تعود العمال على فتحي بعد ان روى لهم سر اصراره ونوع متطلباته ، الآن فتحي هو احد سُمار بنت البحر ، يأتي من الميناء مُحملا بالخبز وعلب السردين التي يتحصل عليها من بحارة السفن ، كمباري فقط لايحب السردين لانه مل من صحبته في السفن ، يشتاق اليه احيانا فيثير حنق البوكسياري عندما يُصر على شواءه ، رائحته مميزة كما يقول كمباري ، لكنهم طيبون ، البوكسياري طيب اكثر ويحب شلة سمار البحر ، يبذل جهدا من اجل ان يروح عنهم ، سخي ، احيانا يثيرهم بتجاوزاته ، فقد نقل كوخهم على كتفه مرات عدة من مكان الى اخر على الشاطيء حول بنت البحر ، كانوا يختلفون معه عندما يفعل ذلك والغريب انه ينقل الكوخ في لحظات ولوحده اثناء ما هم في اعمالهم ثم يرتب كل شيء في مكانه الطناجر والأكواب والبراريد وعدة الشاي وكل ادواتهم التي يستعملونها في الطبخ والصيد ، البوكسياري لم يكن يقدم لهم أي اجوبه حول تصرفاته هذه بالذات (لم يروق لي مكان الكوخ) هكذا كان يقول ولا يضيف أي مبرر آخر ، مع ذلك فهم يحبونه لانه يحبهم واحيانا يدافع عنهم ويذود عن كوخهم اثناء مرور السكارى اواخر الليالي ، واحيانا اخرى يقف صامدا يسند الكوخ اثناء العواصف التي تمر على بنغازي اثناء فصل الخريف. .
يتبع
1. حي في بنغازي 2.""""""""""""""""""""""""3. ) (l.b).و صف عنصري كان يطلق على العائدين من المهجر وهي تعني (ليبي بترول)