الخميس، 14 مايو 2009

سُمـــــــــار بنت البحر4 حكاية طويلة!!

احميدة لم تكن حبيبته ترفضه او حتى تقبله ، لاامل فيها ولايأس ، علقت بذهنه كلمات لكامل الشناوي (انا لاافزع الا من شيئين : آلام مرض لااعرفه وغموض إمرأة اعرفها ، وقد اعالج الام المرض بيأس او امل اما غموض المرأة فلايجدي معه املي فيها ولايأسي منها) وحبيبة احميدة ليست غامضة او غير غامضة ، هو احبها فقط ، وهذا الحب اوقفه في ركن من الحياة ، ركن معطل عطله هو ايضا ، اختلف كيانه عن كل الكيانات ، اصبح يرى نفسه من خارج نفسه ، هذه هي مشكلته في الاساس احميدة يحب بنت البحر التي في خياله وعلى الارض سرقت قلبه منذ ان كانت طالبة صغيرة في البركة وهذه الشلة التقت بجانب بنت البحر ، اصبح من سُمارها ليربط حبيبته بها ، ليتحدث اليها ، ليناجيها ، ليتعذب بها، ديدنه العذاب بسببها ، لكنها ليست هي وليسوا هؤلاء عشاقها ، هو عاشقها الحقيقي ، لايقول سره لاحد ابدا ، يقول فقط انه يحب امرأة اسطورية مُختلفة ، ولذلك اصبح سره مدعاة استغراب لدى الشلة احدهم قال له ذات مرة : الرجل الذي يكثر من مدح المرأة سيدفعها الى الظن بأنه لايستحقها ، هذا مثل يقولونه في فرنسا ، وكم هو تعيس لانه لايقع الا في من ينكأ دماءه و يثير فيه كل العقد ، لكنه اصبح موضوع حديث من آن لآخر ، حديث يدغدغه ويذكره بحبيبته ويؤلمه احيانا، حديث عن امرأة مجهولة ظنوا انها لاتوجد الا في مخيلة أحميدة ، ولكنها امرأة حقيقية كأنها لم تخلق من طين فج بل من ورود عطرة ، هذا هو الذي يراه وهذا هو الذي يحلم به ايضا ، هم لا يعرفون هذه الطفلة الباهرة ولن يعرفوها ، هو فقط من يعرفها.• كان يلتقي سلمى خلسة وكأن الذي بينهما عشق مُتجلي ، علاقة غريبة في مجتمع مُصاب بالفصام في كل علاقاته ، لايلتقى الرجل والمرأ ة الا اذا كان ذلك الملعون ثالثهما ، اطلاقية غريبة هذه وكأن هذا الملعون لايغفو !! لكنه فعلا لم يكن ثالثهما ، كان الود هو الذي يجمع سلمى و احميدة وليس غيره لكن من يصدق؟؟ قال لها ذات مرة : ترى اذا جمعنا حزنينا وجعلنا اللقاء في عش واحد فنحن مجروحان نحتاج الى تضميد كل منا للآخر لكن سلمى اعتبرتها خيانة لصديقتها ، نذالة من نوع مختلف !! قال لها : ليس بيني وبينها ما يستحق ، قالت : نعم ولكن كل امرأة تحب امتلاك المهووسين بها ، لكن سلمى و احميدة كانا يفترضان ويمزحان فقط .• سلمى يليق بها الجمال ، إمرأة ممتلئة بحضور يفهمه الرجال وتغار منه النسوة تزوجت برجل معوج النفس لايليق بها !! وربما كان هذا دافعا نفسيا قويا لتناغمهما وكان يحز في نفس احميدة كلما تذكر حكاية الا يليق رجل بإمرأة ما!! ، لم تكن عقدته اصلا ان بنت البحر اختارت غيره او ان حبه لها من طرف واحد وانما كانت في ان حبيبته ترى انه لايليق بها !! هذه هي القصة في اصلها ، و سلمى تزوجت برجل لايليق بها !! ياللمفارقة ، اليست الحياة لعبة تعلمنا كيف هي تفاصيلها؟؟.• لااحد يفهم الاسطورة ويصدقها ويعتبرها حالة جميلة غير سلمى وسلمى لايخلى الناس من عذاباتها ولكنها بنت جبل ، هذا هو الفرق ، سلمى استعارت من المردقوش نبتة الصبر والفهم معا تفهم حالات عشاقها وتعاطت معهم كما يتعاطى تيه الجبل مع عاشق تأسره روائحه كلما مر جانبه وعشاق هذه الروائح يصعب حصرهم. • لايفهمون ولايدركون حجم مأساة أحميدة تحزنه معاني كثيرة في تفاصيل عشقه لهذه البنت ، احيانا يحس انها هي ذاتها لاتتصور حجم مكابدته ، سيطرت بنت البحرعلى كل حواسه ، ذات حلم رأى حكاية غريبة ، فنان يريد ان يرسم لوحة على شاطيء البحر وكان على الشط يرسو مركب بائس صُنع من سعف نخيل خاوي ، كان ذلك هو مركبه ، كان الفنان يشكل لوحته واجواءها القريبة منه ولكنه كلما بدأ في رسم المركب خرجت له بنت البحر من تحت الماء لتمزق اللوحة!! لعدة مرات يفعل ولعدة مرات تخرج بنت البحر إليه تمزق لوحته ثم يبدأ من جديد قال الفنان تبا لاصرار هذه البنت إنها لاتريد ان يكون مركبك في بحرها ، لكني اصر واتمسك بعنادي فلا معني لهذه اللوحة بدون مركبك الحزين الراسي على الشاطيء ، اجده يصر على البقاء هنا بجانب روائح بنت البحر العشق هو العشق ، العشق حالة عناد جميل وانا احب العناد لوحاتي جميعا رسمتها بروح عنيدة ، كم يستغرقني الوقت ؟؟ لايهمني ، هذه لوحة لامعنى لها ولا رائحة بدون مركبك ، لن تهزمني هذه الشيطانة ، لكن بنت البحر ربان عنيد ومتجبر لايعرفها الفنان كما يعرفها أحميدة إنها امرأة من نوع لايتكرر وربما هذا من سوء طالعه ، يتذكر انه جثا يتوسل الفنان ان يكمل لوحته بدون مركبه قال له:• يعرف قاربى ان النجاة مستحيلة لكنه!! يغتاله الشوق و يغتاله القرب لايفكر كيف ان شاطئها يرسم له حتفه وهو سائر فى ظلماته يبحر..يبحر..يبحر..ثم يعود خائب العمق كالعادة يعود لان مركبه من اعجاز نخل خاوية ترميه شواطيء بنت البحر كحوت نافق!! ثم يعود للابحاروتزهر صفحاته كلما ابحر نحوها فاغفر لى هذا الانتحار البطى ء للوحتك !! بحرها هي لوحتك المُزدانة بالوان الشوق وقاربى فى ركنها مائل وها انت ايها الرسام جئت به الى ذاكرة لاتعطفُ!! تحلق فى سماء اللوحة كل الالوان المبهجة ماعدا قاربى كان النشاز الوحيد تكاملت جوانبها لكنك حائر فى اسناد قاربى فطيفها لايرحم فدع عنك هذا الحارس على راسك ، كلما حرثت بريشتك جاءتك تزمجر فتعيد رسم اللوحة يعود القارب اليها تعجز ريشتك فقد حلقت بجناحيها فى فضاءها وغرست اظافرها فى سعف القارب!!فعبثا ما تشكله انت بصحبة مركب مائل!!سأغفر لك غفلتك لانك لم تفهم ايها الرسام:هذه لوحة ترسمها بزوايا من وهم ٍاذا اصريت على ان توشيها بمركبي فلاتجهد ريشتك بحرب لن تتوازى ابدا!! تكاملت جوانب لوحتك فارمى وراءك نشازى ولاتسرب اليأس الى خطوط قد تنتحر من فرط المكابدة وانا بحار مغامر تعودت على اشواك بنت البحر وشربت من سمها حتى تقرح قلبي وقد يعود رسام العشاء الاخير ولوحتك لاتنتهى!!انا..من انا؟؟ما انا الامفتون بائس سقفه من سعف النخيل قد استهلكت الوانك وشوشت مخيلتك انا عاشق عنيد خارج لوحتك تحطمت على ابواب قاربى كل عذاباتها فارسم ، ارسم لوحة ببحرها وطيفها واسحب قاربى الوهمى حتى تكتمل فصولها. يتبــــــــــــــــــــــــــع

سُمـــــــــار بنت البحر3 حكاية طويلة!!

• احميدة لم تكن بنت البحر بالنسبة له سمكة تتقافز هؤلاء عشاق مجانين لايليقون بحبيبته ، ولكن الذي جاء به الى هنا بالفعل هو ان حبيبته أفق آخر، حكاية اخرى ،من بحر آخر، طفلة ساحرة من البركة، شبكته دون قصد منها واحب فيها كل شيء افتقده في النساء ، الحبيبة والام والصديقة والابنة الشقيقة للروح والدفء المُتجلي ، هي لم تكن تقصد ، هو وقع في شباكها ، عاشق البحر هو لكن البحر غادر كما تقول شلة الشابي وبدلا من ان تكون الشباك تحيط بحوريته احاطت به وقيدت روحه واصبح مُخلصا لحب لاتفهمه هي حتى!!، حرم علاقاته بكل النساء من اجلها ، كان يؤمن بأن حبه من الخيانة ان يتلوث بعلاقة اخرى حتى ولو لم تطالبه بنت البحر بذلك ، صنعت له ضمير من احلام دافقة ، كان هو مُهيأ ً لشباكها اصلا ، لكنها هي كانت مهيأة لشباك اخرى ، احلامها في صياد مُغامر يختلف ، لذلك جاءها من مُحيط بعيد وبحر مُغاير ، ظلت هي عصفورة احميدة المهاجرة وظل هو يجتر آلامه ، وكانت بنت البحر تعرف ذلك لكنها لم تعنيه ولم تتمناه ولم تكن تريده له ولم يكن بيدها امره بالرغم من انه يؤمن بأن امره بيدها ،خافت عليه من ان يؤذي نفسه وهي لاينقصها شهداء ولا دماء ، سبق ان ضاع كثيرون بسببها!!، ليس بينها وبين احميدة ما يستحق ذلك!! فلاطفته بحذر، لكن حبها تعمق لانها تختلف ، تعرف ، تفهم ،تختلف عن النساء ،تقدر بوعيها ما يحدث وان كان الحل ليس بيدها ، لكن شباك بنت البحر صنعت له عالم ساحر اكتظ بالعشق والامنيات والشعر والمعلقات التي كانت احيانا مثار سخريتها ولم يحسب احميدة حسابا لأي يوم وان كانت تشوبه من آن لآخر لمسة حزن تلهمه بإفتقادها يوما ما، مهما طال انتظارها لصيادها الماهر ، كان لابد له ان يأتي وقد أتى ، لعن اليوم الذي احضر فيه تعويذتها من بحر رأس الهلال وحنق على الحامدي لهذا السبب ، قال له يوما بعد ان شكا له انشغاله على حبيبته التي لم تقبل الزواج به ولم تتزوج غيره قال له: اعرف السلحوبي فقيه ماهر يفك أي سحر مهما كانت قوته واحميده يعرف ان حبيبته مشوبة بسحر ماكن فاعطاهما السلحوبي قفل ومفتاح يرمياه في مكانين مُختلفين: القفل على شاطيء راس الهلال(1) والمفتاح عند شاطيء قنفودة (2)، وقد كان، ولم يكن احميدة يؤمن بالأساطير وهي التي نكلت به ، لكنه سعد من اجلها لانه كان يحبها بكل تفاصيلها ..قال له السلحوبي هل هي اختك ام بنت عمك ام بنت خالك ام قريبتك ، قال له : كل هذا لا..قال السلحوبي : تحبها.. تضحية هي ولابد ، حسنا لايوجد اغبياء كثيرون مثلك كل المحبين يأتون إلى هنا كي يُنغصوا حياة حبيباتهم الرافضات لهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:(1)شاطيء راس الهلال..منطقة سياحية في الجبل الاخضر.