الأربعاء، 11 فبراير 2009

الخــــــــــــوف

الحى باكمله يأكله الرعب عند مرآه!!، كان ابراهيم طفلا ضد البراءة ، فى حضرته تختفى كل الوجوه البريئة فى منازلها ، وفى حضوره تتوقف الالعاب والضحكات ويسود السكون المرعب فى وضح النهار ، كان مصدر الخوف والرهبة وكان احد الذين يخافونه برعب لامثيل له. فظ القلب واللسان هو ابراهيم شرس لاتقاوم نظراته ولايتورع عن تحطيم لعب الاطفال ، يجمع الاتاوات بدم متجمد كل صباح فى المدرسة ويخطف من الايدى كل ماتقع عليه عيناه . • استأذن امه فى الذهاب الى السينما ، التقى هناك بالوحش..رجع خائبا تسيل الدماء من فمه على قميصه الابيض بكى بحرقة من قهرت طفولته ، ولم يجرؤ على الشكوى من ابراهيم ، فكفكف دموعه وحاول ان يخفى الدماء عرج على عمته التى غسلت له قميصه وهى تتملكها الحيرة لكنه يعرف انها لن تشى به رحمة بطفولته التى سوف تسحق تحت اقدام امه الشرسة!!..وفى المنزل دخل غرفته مباشرة لئلا يلحظ احد ما الم به. • لم يكن فى ابراهيم اى نبت شيطانى ، كان اصفر الوجه ويميل الى الحمرة وشىء من الشعر وباختصار كان هجين الملامح ، ويهمس اهل الحى ان امه كانت على علاقة باحد العمال الطليان الذين يعملون فى المجارى!!! وجسمه كأنه هيكل عظمى ، واقل نموا من اترابه ،لم يكن هناك شىء يحول دون تحديه ومع ذلك لااحد من اطفال الحى يجرؤ...سوى حاجز رهيب غير مفهوم وغير مرئى... • فى احد الايام كان ذاهبا مع ابن عمه للسوق ، فجأة احس ان هناك من يتبعهما..استرق السمع للخطوات ، فاذا بها تقترب منه ، التفت بحذر، فاذا ابراهيم بمحاذاته ، انتهز فرصة دخولهما لاحد المتاجر ..التصق به فى الزحام: - اسمع..انا محتاج للنقود.. • تباطأ فى الرد..استطردالوحش: - لن تستطيع الاحتماء به دائما..والايام بيننا.. • تظاهر بعدم الاهتمام ..الا انه ا حس بان ابراهيم لازال خلفه فالتصق بابن عمه على نحو ملفت: - مابالك تلتصق بى كدت ان اؤذيك بحذائى !! - لاشىء ... لاشىء..الزحام شديد واخاف ان يبتلعنى بعيدا عنك • الجواب غير مقنع والهمس ازداد واصبح كالفحيح المسموع: - اسمع لاتضيع وقتى فالسينما سوف تفتح بعد قليل.. - وما دخلى انا؟؟؟؟؟؟؟!!! - اريد نقودا.. - و....لـ....مـ..ا...ذ...ا..اع..طي..ك..( قالها بارتعاش) - الاتعرف من انا؟؟اليوم فقط تعرفنى ام ماذا؟؟؟ - .................................................. ......؟؟؟؟؟!!! - ماذا يريد منك هذا الولد ولماذا يتبعنا ؟؟؟ - انه...انه..يريد نقودا..يريدها منى بالقوة. • هوى بيده الغليظه وصفعه..لكن وقاحة ابراهيم جعلته يستمر فى تهديده بالرغم من الصفعات المرة التى تلقاها..انها لحظة ضعف نادرة يراها فى ابراهيم..لكن لايدرى لماذا يحس بانه مازال قويا..القوى هو القوى حتى لحظة الهزيمة!!! • لا يجب ان يلتقى به..فى الايام القادمة سيتحاشى رؤيته..بعد العطله لكل حادث قول..لكن القلق صار يلازمه

هناك 7 تعليقات:

غير معرف يقول...

كثيرا ما يولد الخوف كنتيجة حتمية لقوة البعض هي ليست قوة

انما نوع من الصلف وسوء التربية والطفل الذي يكون حاملا لهذه

الصفة يصبح وحشا يدرك تماما انه يؤذي الاخرين .. حين تغير الاخر

واستنجد بابن عمه وحين لمس ان هناك ضعفا في شخصية الوحش

وهو ايضا يخاف انفلت منه الخوف ولكن جزئيا

حين تحول الى قلق دائم..

رائعة حروفك اخي الكريم محمد السنوسي

مودتي

سلام

غير معرف يقول...

حتى بين الأطفال هناك ظلم وتجبر، نسخة مصغرة عن المجتمع الكبير، ولكن ألا يفترض أن يمشي باطمئنان من الآن فصاعدا مثلا؟ رأى بأم عينيه هزيمة ابراهيم ولكنه لايزال يخافه، مثلنا نحن، نخاف لأننا تعودنا أن نخاف وليس لأن هناك ما يستحق أن نخافه!!!
شكرا لك سيد السنوسي
تحيتي

غير معرف يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
غير معرف يقول...

كم هى رائعة هذه القصة القصيرة
جدا سرحت معها وتذكرت ايام الطفولة والسينما وما كنا نتعرض له من مواقف نضحك عليها الان عندما نسترجعها
لاحرمنا روائعك ايها الرائع

مدائن الثقافة يقول...

نعم امينة..واذا اجتزنا حاجز الخوف لم يعد هناك عندئذ ما يخيف..شكرا على مرورك الكريم امينة.

مدائن الثقافة يقول...

ازدهار ..شكرا لمرورك الكريم ..كثير من هذه النماذج قابلتنا في طفولتنا فألتصقت بالذاكرة وافرغناها على الورق..سيدتي هذه هي نماذنا لعدة اسباب تاريخية واجتماعية..احييك..

مدائن الثقافة يقول...

شكرا يا اخي جبيريا على مرورك الكريم..دمت بخير وسلام