الخميس، 13 مارس 2008

قانونها القاسي...تهاني دربي

قانونها القاسي تهاني دربي "يوسف شاهين" .. هذا الفنان الذي زوّد السينما العربية بأهم الأشرطة بداية بشريط " باب الحديد " و " الأرض" و"عودة الابن الضال " التي خطفت الأنظار إليه لحرفيتها العالية مؤكدة ولادة فنان حقيقي يستخدم لغة جديدة لم تعتدها السينما العربية مروراً بسلسلة أشرطة" اسكندرية ليه" و" الاسكندرية كمان وكمان " و "حدوتة مصرية" التي كانت تنطلق من سيرته الذاتية متعاطية بصورة غاية في الجرأة والشفافية مع الواقع العام السياسي والاجتماعي والتاريخي بكل تفاصيله الذي يعيش ضمن دائرته .. صاحب الريادة في هذا النهج وأهم من قدّم تفاصيل هذا التأثير في تكوين الشخصية العربية دون أن يتجاهل المسكوت عنه بل شرحه بحنكة وعمق انطلاقاً من تصوير أهمية الدائر حوله في تشكيل شخصيته هو بكل ما لها من عيوب ومميزات وتناقضات أيضاً .. وهو أيضاً من ولج التاريخ في مرحلة من مراحل إنتاجه من زاوية مغايرة في أشرطته"المصير" و"اليوم السادس" و " وداعاً نابليون" و"المهاجر"هذه الأشرطة التي أثارت جدلاً واسعاً اختلف مع رؤيته البعض واتفق معها بعضاً آخر ولكنها نجحت في النهاية من تكريس نهج جديد يقول إنه يمكن لنا قراءة تاريخنا من جديد حتى نستكمل بذلك بعض صوره الذي أهملها تعاطينا السطحي والخائف من هدم مسلّمات تواثنا جيلاً بعد جيل .يوسف شاهين الذي حازت أشرطته على أكبر وأهم الجوائز العالمية وصاحب تاريخ طويل ومميز وكانت أشرطته تغريداً خارج سرب الأشرطة العربية الأخرى في الأفكار التي تكاملت مع حرفية فنية عالية من جمال كاميرا وتقطيع وأداء ممثلين انتجت ما يسمّى اليوم بمدرسة "يوسف شاهين" في الإخراج .. هذا الفنان الحقيقي الذي كنت أنتظر أشرطته بشغف وكنت دائماً أراه هو الأقدر فنياً على تجسيد واقعنا بكل ما في هذا الواقع من ملابسات .. كانت أشرطته تمارس سطوتها الفنية علي وتجعلني أتوحّد معها حتى أصل إلى ذروة الاستمتاع .. خذلني منذ أعوام شريطه ما قبل الأخير"سكوت حنصور" ومع هذا ظلت عبارته أن هذا الشريط كان استراحة المحارب بالنسبة له مخرجاً قبلته لأتخلص من التأثير السلبي الذي لفّني أثر انتهائي من مشاهدته .. وانتظرت .. وجاء شريطه الأخير"فوضى " مكرساً هذا الخذلان .. يصعب على القبول بأن المبدع يمر بنفس المراحل التي تمرّ بها كل الأشياء "نشأة.. ازدهار .. نهاية"..أحاول طرد هذه الحقيقة من ذهني ، لأنه لا يريد أن يقبل فكرة أن مخرجاً بأهمية هذا الفنان يمكن للزمن أن يمارس عليه تباريحه المزعجة نفسها .. لا أريد أن أخوض في نقاط ضعف هذا الشريط .. الذي لا يليق بيوسف شاهين الوقوع فيها مع أني عندما فكرّت في كتابة هذه الزاوية كنت أريد ذلك ولكن عندما بدأت الكتابة عجز قلمي عن التطاول على هذه القامة .. وأثرت القبول بأن لكل شئ نهاية يعز على الارتكان لهذه الحقيقة ولكن هذا أفضل من أتناول عمل فني لمبدع بهذا التاريخ خذلته هو أيضاً السنون وفرضت عليه قانونها القاسي الذي لا يرحم يكفينا ما قدمه لنا .. وسيظل اسمه دائماً متصدراً قائمة أهم المخرجين الذي أنتجتهم السينما العربية .. يعزينا تلاميذه الكثر ليكملوا ما بدأه .. وأرى في استعانة يوسف شاهين بتلميذه "خالد يوسف" لإخراج هذا الشريط إشارة واضحة قد تتجلى مستقبلاً ، بأن هذا الأخير هو الأقدر على إضافة الجديد والمهم بداياته كانت تدور في فلك أستاذه ولم تخرج عن جبها ولكن شريطه الأخير " حين مسيرة" اعتبره الانطلاقة الحقيقية لمبدع آخر تتلمذ على يد شاهين رؤيته الخاصة لا تكرر ولا تتقاطع مع أستاذه بل تضيف الجديد .. ولكن بنكهة أخرى .

ليست هناك تعليقات: