الاثنين، 11 مايو 2009

نحن والنيهوم..تهاني دربي

بعد أسبوعين تحديدا من صدور قرار اللجنة الشعبية العامة بإنشاء مؤسسة عامة للثقافة جاءت ندوة النيهوم كأول نشاط ثقافي تنظمه هذه المؤسسة في بادرة تقول ها نحن قد عدنا وانتظروا منا المزيد.دار الكتب الوطنية أو مكتبة النيهوم بجيش رفيقات الكتب اللطيفات البنغازيات، تحت ادارة المخضرم الأديب محمد الشويهدي التي إستأثرت في الأونة الأخيرة رغم كل العثرات الذي شهدها العام الماضي من كساد عام سببه حجب الميزانيات العامة بتنظيم احتفاليات لكتاب ليبيين ترواح نجاحها من واحدة لأخرى حتى توج بندوة النيهوم التي كانت من حيث التنظيم الأكثراكتمالا، ومن حيث الحضورالجماهيري والثقافي الأكثر حفاوة بكاتب عاش حياته مثيرا للجدل وموته لم يزده إلا كذلك.القاعة كانت أصغر من أن تستوعب جمهور النيهوم هذه الظاهرة التي لم تنته بموته، فبعد خمسة عشر عاما مازال المهتمون بإرثه يسلطون الضوء على أبعاد ما كتب، وفي شخصه تؤكد فرادة هذا الكاتب مكرسة دون منازع كاتب ليبيا الأول القريب من القلب، الذي مازال رغم كل هذه السنوات الطويلة من الغياب كاتبها الأكثر شهرة والأكثر إثارة للجدل.كانت شهادة الكاتب الكبير ابراهيم الكوني في صديق عمره من الحميمية حتى أثارت في أفق القاعة غمامة دفء تنفسها كل الحضور. براعة الكوني كانت في ملامسة هذا الشخصي، المميز النواة الذي كان في النيهوم، أن يكون بكل تلك النورانية في أعماق صديق له لا يقل عنه وربما يزيد من حيث الكفاءة والذهاب الى ما هو أعمق يكمل بدراية قد تتقاطع في الواجهة وتلتحم في الأسس، أمرا يشي بمنابع منجز الأثنين معا.أن تكون بهذا البهاء الداخلي بشهادة صديق العمر مرتكزاً أساسياً لفهم أكثر لما ينتج عنك من منجز أدبي قادر على أن يخلق كل هذا الصخب الذي شهدته الندوة خلال يوميها والذي هيأ لكل متناول، مدخلا يختلف عن الآخر ولكن يستحق أن يتوج في الخاتمة رغم كل ما طرح بإختلاف رؤاه مدى ثراء مادة التناول واتساعها.هذه الندوة الناجحة أكدت ان النيهوم مازال في جعبته الكثير حتى يكون حاضرا أكثر، وهذا يعني ضمن ما يعنيه أنه خصب بما يكفي لكل احتمال، قادر بعد كل هذه السنوات أن يكون موضوعا غير ممل عند كل من محبيه ومهاجميه، وحيا حتى يخلق كل هذا الكم من المواضيع الصاخبة في محاولة صادقة للنفاذ الى عالمه الحافل والشائك، عالم ليس سهلا ولوجه، ويقر في النهاية كل من حاول ان الخروج منه أبدا ليس كدخوله.مساءات بنغازي التي مازالت مملة كما تركها، أضاء النيهوم قناديلها خلال يومين، وحاول كل من قدم ورقة او مداخلة في هذه الندوة أن يفسر لماذا الصادق ظل نجما مشعا حتى الآن، بيد أنني أجتهد وأقول أن شهادة الكاتب الكبير ابراهيم الكوني ومداخلة الدكتور فهمي علي خشيم أهم من أضاء بداية الطريق وإتكاءً على ما ذهب اليه كل منهما يمكن القول أن النيهوم في خطابه كان يستند بالأساس الى روح طهرانية إسثنائية ومشاعر فائقة الحرارة ترفض ما يقدم لها كمسلمات لا من باب العبث وانما من باب أنها أنتجت واقعا اجتماعيا وسياسيا ودينيا متخلف لم يحبه ولم يستطع حتى التكيف معه.لغة النيهوم الباذجة "الوسيلة" تمكنت باشراقها المحمل ببهاء داخلي قل نظيره كان أصله ثابتاً ويزداد كلما تزودت هذه الروح حتى اتقنت دون اي عناء براعة الملامسة لوجدان القراء فأيعنت فيها كل هذا الاهتمام.روح النيهوم كانت قادرة على الرؤية ومن ثم الإشارة الى مواطن الداء في مجتمعنا دون ان يجاري هذا التفوق مقدرة موازية أخرى منهجية عقلية تحليلية قادرة على صياغة مشروع فكري تنويري واضح ومكتمل ومحدد الملامح، كان يملك مقدرة على الرؤية وتحديد مواطن الداء دون ان يتمكن من وصف آلية تشفي من الداء.مازالنا رغم كل هذه السنوات الطويلة تقريبا ندور في نفس دائرة مسلمات وكلشيهات التي وضعها النيهوم تحت مظلة تهكمه نبتسم لحقيقة رؤية هزالنا في مرآته ونرغب في التغيير ولا نمتلك القدرة.النيهوم طرح أسئلة كثيرة لم يتمكن هو من الإجابه عليها، تركها لنا كتعويذة خلاص. الإجابة عليها تحتاج كم وكيف هائل من الكتاب الحقيقيين، ومواطن يقرأ ويستوعب ولديه أيضا إرادة حقيقية للتغيير، وآمل زمن أقل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  • شاعرة وصحفية ليبية.
  • المقال عن موقع جيل

ليست هناك تعليقات: